0
الإجارة

مشروعية الإجارة:
شرع الإسلام الإجارة ليسهل علي الناس قضاء حوائجهم التي يحتاجون فيها إلي أشياء لا يملكونها، فيستأجر الإنسان بيتًا ليسكن فيه إن لم يستطع شراءه، ويستأجر الإنسان سيارة ليسافر بها إن كان لا يستطيع شراء سيارة وهكذا.
وقد يستأجر الإنسان شخصًا، فُيسمي ذلك الشخص (أجيرًا)، كأن يستأجر الإنسان خياطًا ليخيط له الثياب، أو مهندسًا ليبني له بيتًا. وهكذا فينتفع ذلك بالأجر الذي يحصل عليه. مثال من القرآن: استأجر الرجل الصالح من مدين موسي -عليه السلام- علي أن يعمل أجيرًا عنده لمدة ثماني سنين مقابل أن يزوجه إحدي ابنتيه، وقد أخبرنا القرآن عن ذلك، فقال علي لسان الرجل الصالح حينما كلمه موسي - عليه السلام- :
(قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجر ني ثماني حجج.) [القصص: 27].
وتحديد المدة ليس شرطًا في جميع الإجارات، بل هو شرط في بعض دون بعض، فمن الإجارات ما لابد فيه من تعيين العمل دون المدة. كخياطة ثوب، أو زراعة أرض، أو ري زرع، ومنها ما لابد فيه من ذكر المدة دون العمل كسكني الدار، وركوب السيارة، ومنها ما لابد فيه من الأمرين معًا ذكر المدة والعمل كعمل الخادم والموظف ونحو ذلك.
شروط صحة الإجارة:
1- الأهلية: ألا يكون المستأجر أو المالك (المؤجر) سفيهًا أو مجنونًا أو صبيا غير راشد أومكرهًا علي الإجارة.
2- أن يحدد الشيء المراد استئجاره: كأن يري بالعين أو يصفه وصفًا دقيقًا.
وإن كان الشيء المؤجر أرضًا زراعية، حددت مساحتها والشيء الذي سيزرع (قمحًا أو ذرة ونحو ذلك) إلا أن يأذن المؤجر للمستأجر أن يزرع ما شاء.
3-ألا يستعمل الشيء المؤجر في شيء محرم، فلا يؤجر المحل؛ ليباع فيه الخمور أو يؤجر الرجل ليقتل رجلا آخر.
4-ألا تكون الإجارة لأداء شيء يجب علي المستأجر القيام به بنفسه، فلا يؤجر الرجل رجلاً ليصلي بدلا منه مثلاً. فإن كانت الإجارة لشيء لا يشترط فيه أن يؤديه المستأجر بنفسه جازت، فيجوز للرجل أن يستأجر رجلا ليعلم ابنه تلاوة القرآن، أو ليحفظه القرآن.
5- أن تكون الأجرة محددة ومتفق عليها قبل البدء في العمل، كأن يتفق المؤجر والأجير علي عشرة جنيهات مثلاِ مقابل خياطة الثوب إن كان الأجير خياطًا، أو مقابل الكشف الطبي عليه إن كان الأجير طبيبًا. وهكذا.
فعن أبي سعيد قال: "إذا استأجرت أجيرًا؛ فأعلمه أجره" [النسائي].
ويدفع للأجير أجره بمجرد انتهائه من العمل. قال ( :"أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"[ابن ماجة]، إلا أن يكون المؤجر قد اتفق مع الأجير علي أن يعطيه أجره مقدمًا، أو أن يعطيه نصف الأجر، والنصف الآخر حين ميسرة، فذلك جائز ما دام قد اشترط المؤجر ذلك ووافق الأجير؛ فقد قال ( :"المسلمون عند شروطهم"[البخاري].
ومن استأجر أجيرًا لمدة معينة كعشرة أيام مثلًا في مقابل مبلغ معين مائة جنيه مثلًا؛ جاز أن يعطيه عن كل يوم يعمله عشرة جنيهات، لأن الأجرة إنما هي علي العمل. فلكل جزء من العمل جزء من الأجرة.
ومن استأجر دارًا أو شيئًا آخر؛ فله أن يؤجره لغيره بنفس الأجرة أو بأقل أو أكثر، ومن استأجر أجيرًا فللأجير أن يستأجر غيره لأداء العمل المؤجر له. فكل ذلك جائز ما لم يتعين ساكن الدار والأجير.
ما يجب علي المستأجر:
علي المستأجر أن يحافظ علي الشيء الذي استأجره، ولا يقصر في الحفاظ عليه، فإن بدأ العمل فيه فأتلفه أو ضيعه نتيجة تقصير منه، وكان هناك دليل علي ذلك وجب عليه التعويض، فالشيء المؤجر أمانة عنده، وعليه كذلك ألا يستعمل الشيء الذي استأجره في غير الغرض المتفق عليه أو فيما لا يصلح له الشيء المؤجر، وألا يزيد عن المدة المتفق عليها مع صاحب الشيء المؤجر، فإن أجر الإنسان آلة ما لساعة من الزمن فاستخدمها الساعتين وجب عليه التعويض، فيعطي صاحب الآلة إيجار الساعة الزائدة.
وعلي الأجير أن يتقن عمله أو صنعته علي أكمل وجه. قال ( :"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه"[البيهقي].
وعلي الأجير ألا يعمل لدي رجلٍ آخر غير الرجل الذي استأجره أثناء مدة الاستئجار، فإن فعل نقص من أجره بقدر عمله. وعلي المستأجر ألا يستعمل الشيء المؤجر فيما لا يصلح له وعلي المستأجر أن يرد ما استأجره بعد انتهاء مدة الإيجار، فإن كان آلة سلمها إلي صاحبها، وإن كان أرضًا سلمت خالية من الزرع، وإن كان بيتًا أو محلًا سلم خاليا من المتاع.

0
الرَّضاع


الرَّضاع
حق الصغير في الرضاع:
للولد حق في الرضاع، وهو يجب على الأم شرعًا، فإن قصرت في ذلك، تسأل عنه أمام الله، ولكن هل يجب عليها من ناحية القضاء؟
يرى المالكية أنه يجب على الأم إرضاع ولدها إذا كانت زوجة أو معتدة من طلاق رجعي، فلو امتنعت ولم يكن لها عذر في ذلك أجبرها القاضي، ويستثنى من ذلك المرأة الشريفة إلا إذا كانت لاترضع، وقبل الولد الرضاعة من غيرها، واستدلوا بقوله تعالى : {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة: 233].
ولأن المطلقة طلاقًا رجعيًا لها النفقة على زوجها، فلا تأخذ أجرًا على الرضاعة، بخلاف المطلقة طلاقًا بائنًا، فيصبح الإرضاع حقًا في جانب الأب، يجب أن يستأجر من ترضع ولده، ولو كانت أمه، وقد ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم قوله: (تقول لك المرأة: أنفق عليَّ وإلا طلقني. ويقول لك العبد أطعمني واستعملني. ويقول لك ابنك: أنفق عليّ إلى من تكلني) [البخاري].
ويرى الجمهور أن إرضاع الأم ولدها قضاء مندوب لا تجبر عليه؛ لأن قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفسٌ إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلي الوارث مثل ذلك} [البقرة: 233].
أمر يدل على الندب والإرشاد للوالدات أن يرضعن أولادهن إذا لم يقبل الولد غير ثدي أمه.
وجوب الإرضاع من الأم:
- أن يرفض الولد كل ثدي غير ثدي أمه، فيجب عليها إرضاعه، لإنقاذه من الهلاك.
- عدم وجود مرضعة غيرها ترضع ولدها.
- إذا كان الأب معدومًا، أو فقيرًا، لا يستطيع أن يستأجر له مرضعًا.
- كما أوجب الشافعية على الأم إرضاع ولدها اللبن النازل أول الولادة، لحاجة الولد له خاصة، لأن تركه قد يؤدي إلى وفاته.
استئجار المرضع:
إذا امتنعت الأم عن الإرضاع، وجب على الأب أن يستأجر لولده من يرضعه، وعلى المستأجرة أن ترضعه في بيت أمه، لأن الحضانة حق لها، فإن امتنع الأب، طالبته أمه بدفع أجرة الإرضاع، ولا تأخذ هي الأجرة إلا إذا كانت طالقًا طلاقًا بائنًا لا رجعة فيه، أو بعد انتهاء مدة العدة.
واجب المرضع وأجرها:
يجب على المرضع إرضاع الولد وما يجب عليها من أمور يحتمها العرف، مثل: إصلاح طعامه وخدمته؛ فإن أرضعته بلبن شاة فلا أجر لها، لأنها لم تفعل ما يجب عليها أصلاً وهو الإرضاع. وتأخذ المرضع أجرًا سواء كانت الأم أم غيرها إذا كانت مستحقة للأجر.
ما حرم بالرضاع:
ثبت التحريم بالرضاع بقول الله تعالى: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة} [النساء: 23].
ومما روت أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)[متفق عليه]. وقد رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم الزواج من ابنة عمه حمزة، فقال:"لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وهي ابنة أخي من الرضاعة"[متفق عليه].
عدد الرضعات:
اختلف الفقهاء في عدد الرضعات التي تحرم علي أقوال:
1- يثب التحريم بثلاث رضعات، إلي ذلك ذهب أبو ثور، وأبو عبيد، وداود الظاهري وابن المنذر، واستدلوا علي ذلك بقول رسول الله ( "لا تحرم المصة ولا المصتان"[مسلم والنسائي]
2- تحرم عشر رضعات، إلي ذلك ذهبت حفصة بنت عمر زوج النبي (، قالت: "لا يحرم دون عشر رضعات"[البيهقي].
3- يحرم القليل والكثير، وإليه ذهب علي وابن عباس، وسعيد ابن المسيب، والحسن البصري، ومكحول وغيرهم، وهو رواية عن الإمام أحمد.
4- التحريم بخمس رضعات فصاعدًا، وهذا رأي عائشة، وابن مسعود، وابن الزبير، وعطاء والحارس، وهو قول الشافعي، وهو المختار لدي المحققين من الأئمة، واستدلوا علي ذلك بما يلي:
1-قول عائشة رضي الله عنها :"كان فيما أنزل من القرآن، عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله ( وهن مما يقرأن من القرآن"[مسلم ومالك]
2-كان أبو حذيفة قد تبني سالمًا، ثم حرم الله التبني، فلما كبر سالم، كان يدخل علي زوجة أبي حذيفة، وقد تكون كاشفة رأسها، فكانت تتحرج من ذلك، فذهبت إلي النبي ( وقالت له: يارسول الله، كنا نري سالمًا ولدًا يأوي معي ومع أبي حذيفة، ويراني فضلي (أي متبذلة في ثيابها أو كاشفة رأسها)، وقد أنزل الله عز وجل  فيهم ما قد علمت، فقال ( :"أرعيه خمس رضعات". فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة [مالك وأحمد]
المدة التي تحرِّم بالرضاع:
تعددت آراء العلماء حول تقدير المدة التي يقتضي الرضاع فيها التحريم، وهي:
الأول: لا يحرم منه إلا ما كان في الحولين، وإليه ذهب عمر، وابن عباس وابن مسعود والشافعي وأبو حذيفة ومالك وغيرهم.
الثاني: ما كان قبل الفطام، وإليه ذهبت أم سلمة والحسن والزهري والأوزاعي وغيرهم.
الثالث: الصغر يقتضي التحريم، وهو قول أمهات المؤمنين عدا عائشة، وابن عمرو، وسعيد بن المسيب.
الرابع: ثلاثون شهرًا، وهو رواية عن أبي حنيفة وزفر تلميذه.
الخامس: في الحولين وما قاربهما، وهو رواية عن مالك.
السادس: ثلاث سنين، وهو رأي الحسن بن صالح وجماعة من الكوفة.
السابع: سبع سنين، وهو رأي عمر بن عبدالعزيز.
الثامن: عامًا واثنا عشر يومًا، وهو رأي ربيعة.
التاسع: الرضاع يعتبر فيه الصغر إلا فيما دعت إليه الحاجة، مثل رضاع الكبير الذي لا تستغني المرأة عن دخوله عليها، ويشق احتجابها منه، وهو رأي الإمام ابن تيمية والمختار لدي الإمام الشوكاني وهذا الرأي الأخير هو الراجح، لأنه يجمع بين الأحاديث، وقد جعل قصة سالم مخصصة لعموم الأحاديث الأخري، مثل:"لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام"[الترمذي].
شروط الرضاع للزواج:
يشترط في الرضاع ليكون محرِّمًا للزواج ما يلي:
1- أن يكون لبن آدمية ولو ميتة، فلو رضع رجل وامرأة من بهيمة، يحل لهما الزواج، ولو رضعت المرأة في إناء ثم ماتت، يثبت التحريم، لأن اللبن لا يموت، ومنه يكون اللحم.
2- أن يكون الإرضاع من طريق الفم.
3- ألا يخلط اللبن بغيره، خلطًا يغيره، فإن غيره لم يحرمه، وإن غلب اللبن علي الشيء الذي خالطه، كان في حكم اللبن، فيحرم.
4  أن يصل اللبن إلي معدة الرضيع حتى يحصل التغذي به.
5- أن يكون الرضاع في حالة الصغر، إلا ما كان من رضاع الكبير الذي لا تستغني المرأة عن دخوله عليها، لحديث سهلة بنت سهيل، وهو حديث صحيح، وبذا يجمع بين الأحاديث كما رأي ابن تيمية -رضي الله عنه-.
طرق إثبات الرضاع:
يثبت الرضاع من خلال أمرين: "الإقرار، والبينة الإقرار" إذا أقر كل من الزوجين بالرضاع، أو أقر الرجل دون المرأة، أو أقرت المرأة ثم وافقها الرجل، فلا يحل لهما الزواج، وإن تم الإقرار بعد الزواج يفسخ العقد، ويترتب عليه ما يترتب علي الفسخ من آثار.
ولا يعترف بإقرار المرأة بعد الزواج إذا خالفها الزوج"البينة" وطريقها الإخبار في مجلس القضاء بثبوت الرضاعة بين زوجين، ويكون إثبات الرضاع بشهادة رجلين ورجل وامرأتين، وقد قال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-:"لا يقبل علي الرضاع أقل من شاهدين"، وكان ما قاله في وجود الصحابة-رضوان الله عليهم-، ولم ينكر عليه أحد منهم، فكان بمكانة الإجماع.
وقال الشافعي: "يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة، لاختصاص النساء بالاطلاع عليه غالبًا، كالولادة، ولا يثبت بدون أربع نسوة"، لأن كل امرأتين بمثابة رجل، وتقبل شهادة أم الزوجة وبنتها مع غيرهما حسبة بدون تقديم دعوى.

0
العقيقة


العقيقة
معناها:
العقيقة في الأصل تعني الشعر الذي علي المولود، ثم أطلقت العرب علي الذبيحة التي تذبح عند حلق شعر المولود عقيقة، علي عادتهم في تسمية الشيء باسم سببه، وقيل: سميت العقيقة بهذا الاسم لأنه يشق حلقها بالذبح.
فالعقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم السابع من ولادته.
حكمها:
للعلماء في حكم العقيقة أربعة آراء هي: السنية، والوجوب، والإباحة، والنسخ.
أولا: السنية.
ذهب جمهور العلماء إلي أن العقيقة سنة مستحبة غير واجبة، فمن فعلها فله الأجر والثواب، والدليل ما يلي:
1- ما رواه ابن عباس أن رسول الله ( عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا[أبو داود] ولقوله (:"من أحب أن ينسك عن ولده فليفع[أحمد وأبو داود].
2- أن فعله يدل علي الاستحباب.
ثانيا: الوجوب.
وبه قال الحسن البصري والليث بن سعد والظاهرية، واستدلوا بحديث سمرة عن النبي ( أنه قال: "كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمي فيه، ويحلق رأسه"[رواه الخمسة وصحهه الترمذي] وقالوا: إن الولد محبوس عن الشفاعة لوالديه حتى يعق عنه، وهذا دليل الوجوب.
ثالثًا: الإباحة.
ويري أبو حنيفة أن العقيقة مباحة، فمن فعلها، فمن باب التطوع، وذلك لقول النبي ( لما سئل عن العقيقة، قال: "لا أحب العقوق" وورد أنه ( كره أن تسمي ذبيحة المولود عقيقة، لارتباطها بالعقوق.
رابعًا: الجاهلية.
ويري محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أن الأضحية نسخت كل ذبيحة كانت قبل الإسلام، وعليه، فإن العقيقة من فعل الجاهلية.
ولكن هذا القول هو قول شاذ، والأرجح هو قول الجمهور: إن العقيقة سنة، ويؤجر الإنسان علي فعلها.
أحكامها:
وللعقيقة أحكام تتعلق بها، أهمها:
الوقت:
وقت العقيقة يوم السابع من الولادة، فإن لم يكن ففي اليوم الرابع عشر، فإن لم يتمكن ففي اليوم الواحد والعشرين، وذلك لحديث عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي ( قال: "العقيقة تذبح لسبع ولأربع عشرة، ولإحدي وعشري"[البيهقي]. وتعيين اليوم السابع من باب الاختيار، فإذا تأخرت حتى بلغ المولود سن البلوغ، سقطت عن والده، أو عمن تجب عليه نفقته، لكن إن أراد أن يعق هو عن نفسه فعل، وإن مات المولود قبل السابع سقطت عنه العقيقة.
العدد:
ويذبح عن الذكر في العقيقة شاتان، وعن الجارية شاة واحدة، فعن أم كرز الكعبية، أنها سألت رسول الله ( عن العقيقة، فقال:"نعم عن الغلام شاتان، وعن الأنثي واحدة، لا يضركم ذكرانًا كن أو إناثًا"[أحمد والترمذي وصححه]
ويري بعض الفقهاء أنه يذبح شاة عن الولد أو الجارية، استدلالا بحديث ابن عباس أن النبي ( عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا[أبو داود].
والأرجح إن صح حديث النبي ( في اقتصاره علي ذبح شاة، ففيه دليل علي أن الشاتين مستحبة وليست متعينة، وذبح الشاة جائز غير مستحب.
التدمية:
وكره جمهور العلماء تدمية رأس المولود أو جسده بوضع خرقة فيها دم عند الذبح علي الرأس أو الجسد، فعن عائشة-رضي الله عنها-قالت: كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي، خضبوا بطنه بدم العقيقة، فإذا حلقوا رأس المولود وضعوها علي رأسه، فقال النبي ( :"اجعلوا مكان الدم خلوقًا[ابن حبان].
ولكن يستحب وضع زعفران أو غيره علي رأس المولود بعد الحلق، فعن بريدة الأسلمي-رضي الله عنه-قال: "... فلما جاء الإسلام كنا نذبح شاة، ونحلق رأسه، ونلطخه بالزعفران"[أبو داود].
عدم كسر العظام:
ويراعي عند ذبح النسيكة "العقيقة" ألا تكسر من عظمها شيء سواءً كان عند الذبح أو الأكل، فعن جعفر بن محمد عن أبيه، أن النبي ( قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: أن ابعثوا إلي القابلة منها برجل، وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظمًا.[أبو داود].
فينفصل قطع كل عظم من مفصل بلا كسر، لما يلي:
1- أن هذا الفعل أجل وأعظم في الجود والكرم للفقراء، وإظهار منزلة هذا الطعام في نفوس الفقراء والأقارب.
2- أن يتيمن بهذا الفعل بسلامة أعضاء المولود وصحتها وقوتها، لأن العقيقة تجري مجري الفداء للمولود.
شروط الذبيحة:
يشترط لذبيحة النسيكة (العقيقة) ما يشترط للأضحية، وهذه الشروط هي:
1- أن يكون عمرها سنة، ودخلت في الثانية إذا كانت من الضأن أو المعز، ويجوز في الضأن السمين أن يكون عمره ستة أشهر، شريطة ألا يفرق بينه وبين الذي له سنة، أما الماعز فلابد من الشرط.
2- السلامة من العيوب، فلا يصح ذبح العمياء ولا العوراء ولا الهزيلة، ولا العرجاء التي لا تستطيع المشي إلي الذبح، ولا التي ذهبت أسنانها، ولا التي لا أذن لها بسبب الخلقة، ولا المجنونة يمنعها من الرعي، ولا مقطوعة الذنب أو الإلية إذا ذهب أكثر من ثلثها، أما العيوب البسيطة فيجوز الذبح، وإن كان الأولي أن تكون خالية من كل عيب.
3- لا يصح الاشتراك في ذبيحة النسيكة (العقيقة) لأن الذبح فيه إراقة دم عن الولد، فهي من باب الفداء عنه.
4- يصح الذبح بالإبل أو البقر، بشرط أن يكون عن مولود واحد.
5- يصح في العقيقة الإهداء والتصدق والأكل، لنشر الود بين أفراد المجتمع.
6- يجوز أن يتولي ذبح العقيقة عن والد المولود، فله أن ينيب غيره لقول النبي:"يذبح عنه يوم سابعه"[رواه الخمسة]. ببناء الفعل للمجهول.
الحكمة من النسيكة (العقيقة):
للذبح عن المولود حكم عظيمة، منها
- والتقرب إلي الله-سبحانه-عن المولود من أول أيام حياته.
- فكان لرهان المولود في الشفاعة لوالديه يوم القيامة، كما جاء الحديث بذلك.
- زيادة منابع التكافل الاجتماعي بمنبع جديد، يحقق سلامة مبادئ العدالة الاجتماعية، ويمحو عنها ظواهر الفقر والجوع.
- زيادة الروابط بين الأقارب والأصدقاء وأفراد المجتمع.
- إظهار السرور والفرح بإقامة سنة من السنن النبوية.
- فداء للمولود عن أن تصيبه المصائب والآفات.
- البهجة للزوجين والشكر لله علي ما أنعم عليهما من نعمة الولد.


0
كيفية الغسل من الجنابة


بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمداً وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين
أما بعد:


من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، و إن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
هذا الموضوع في غاية الأهمية ,لأنه يتعلق بأمر من أمور الدين وهو الغُسل .
سأختصر في الموضوع على قدر إيصال الفائدة المطلوبة.
فأقول :
هناك ما يسمى (المذي ) وما يسمى (المني) سأشرح معنى كل واحد منهما مع طريقة الغسل الصحيحة على ماذُكِرَ في السُّنة.
أولاً: 
المذي : وهو ماء أبيض لزج يخرج عند التفكير في الجماع أو عند الملاعبة، وهو من النجاسات التي يشق الاحتراز عنها فُخفِّف تطهيره.
طريقة الغسل :
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَسَأَلَ فَقَالَ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ.
هذا الحديث من صحيح البخاري رقم (270)
الشاهد من الحديث قول الرسول r (تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ) .
و الخلاصة:
1- غسل الذكر قبل الوضوء , وهو الأولى فالواو هنا للربط وليس للترتيب ودليل ذلك ما ذُكر في سنن أبي داود جواب الرسولr لمن حصل له ذلك (أي خروج المذي) , (فليغسل ذَكْرهُ وَ أُنْثَيَيْه و ليَتْوضأَ وَضوءَهُ للصَّلاة), والمقصود بأنثييه هنا أي خصيتيه.
2- الضوء.
3- غسل ما أصاب البدن.
4- رش كفاً من ماء على ما أصاب الثياب, وذلك للحديث سهل بن حنيف عندما سأل الرسول r (فَكَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ؟ قال: يَكْفِيكَ بِأنْ تَأخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهَا مِنْ ثَوْبِكَ حَيْثُ تُرَى أنَّهُ أصَابَهُ).
و ما سبق ينطبق أيضاً على (الوَدْيُ) : وهو ماء أبيض لزج ثخين ,يخرج كَدِراً بعد البول, ويطهر بالطريقة السابقة , باستثناء غسل الأنثيين فإنهُ خاص بالمذي دون الودي,كما بين ذلك العلامة ابن باز(رحمه الله).
ثانياً:
المني : و هو ما يخرج دفقاً بلذة, و يوجب الغسل, وهو طاهر على الصحيح,و لكن يستحب غسله إذا كان رطباً وفركه إذا كان يابساً.
طريقة الغسل:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ.
هذا الحديث من صحيح البخاري رقم(249)
طبعاً الحديث ليس بحاجة إلى شرح.
الخلاصة :
1- غسل اليدين.
2- غسل الفرج من قُبل ودبر.
3- الوضوء ,مثل الوضوء الصلاة.
4- صب الماء على الرأس ثلاثاً بحيث يدخل إلى الجلد,وقبل ذلك يُدخل أصابعهُ في الماء ويُخلل بها أصول الشعر.
5- الاستحمام وذلك بإن يبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر ثم سائر الجسد.




0
برُّ الوالدين


 مقام الأم مقدَّس ومقام الأب عظيم!
 هل أنت بار لهما؟
 هل ترفع صوتك في حضرتهما؟
 هل تنظر إليهما بغير نظر الرحمة والمحبة؟
 كيف تكون باراً بوالديك، وتتحاشى العقوق؟
 قال تعالى في كتابه: "وقضى ربك إلاَّ تعبدوا إلاّ أيَّاه وبالوالدين إحساناً.
إن للوالدين مقاماً وشأناً يعجز الإنسان عن دركه، ومهما جهد القلم في إحصاء فضلهما فإنَّه يبقى قاصراً منحسراً عن تصوير جلالهما وحقّهما على الأبناء، وكيف لا يكون ذلك وهما سبب وجودهم، وعماد حياتهم وركن البقاء لهم.
لقد بذل الوالدان كل ما أمكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعاية أبنائهما وتربيتهم، وتحمّلا في سبيل ذلك أشد المتاعب والصعاب والإرهاق النفسي والجسدي وهذا البذل لا يمكن لشخص أن يعطيه بالمستوى الذي يعطيه الوالدان.
ولهذا فقط اعتبر الإسلام عطاءهما عملاً جليلاً مقدساً استوجبا عليه الشكر وعرفان الجميل وأوجب لهما حقوقاً على الأبناء لم يوجبها لأحد على أحد إطلاقاً، حتى أن الله تعالى قرن طاعتهما والإحسان إليهما بعبادته وتوحيده بشكل مباشر فقال: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً.
لأن الفضل على الإنسان بعد الله هو للوالدين، والشكر على الرعاية والعطاء يكون لهما بعد شكر الله وحمده، "ووصينا الإنسان بوالديه... أن أشكر لي ولوالديك إليَّ المصير.
وقد اعتبر القران العقوق للوالدين والخروج عن طاعتهما ومرضاتهما معصية وتجبراً حيث جاء ذكر يحيى ابن زكريا بالقول: "وبراً بوالديه ولم يكن جباراً عصيا.
وفي رسالة الحقوق المباركة نجد حق الأم على لسان الإمام علي بن الحسين (ع) بأفضل تعبير وأكمل بيان، فيختصر عظمة الأم وشموخ مقامها في كلمات، ويصوِّر عطاها بأدق تصوير وتفصيل فيقول ?: "فحقّ أُمِّك أن تعلم أنَّها حملتك حيث لا يحمل أحدٌ أحداً، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يُطْعِم أحدٌ أحداً، وأنَّها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة بذلك فرحةً موبلة (كثيرة عطاياها )، محتملة لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمِّها، حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض فَرَضِيَتْ أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمأ، وتظللك وتضحى، وتنعمك ببؤسها، وتلذذك بالنوم بأَرِقهَا، وكان بطنها لك وعاء، وَحِجْرَها لك حواء، وثديها لك سقاءاً، ونفسها لك وقاءاً، تباشر حر الدنيا وبردها لك دونك، فتشكرها على قدرِ ذلك ولا تقدر عليه إلاّ بعون الله وتوفيقه".
وتبرز هنا، أهمية حق الأم من خلال التفصيل والبيان الذي تقدم به الإمام ? بحيث جعله أكبر الحقوق في رسالته المباركة، وأكثر في بيانه، وحثَّ على برّها ووصّى الولد بالشكر لهما كما هي الوصية الإلهية: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن... أن أشكر لي ولوالديك إليَ المصير.
وكذلك كانت وصية النبي(ص) لرجلٍ أتاه فقال: يا رسول الله من أبر؟
قال (ص): "أمك".
قال: من؟ ثم من؟
قال (ص): "أمك".
قال: ثمّ من؟
قال (ص): "أمك".
قال: ثمّ من؟
قال (ص): "أباك".
 حق الأب:
ولا يقل حق الأب أهمية وجلالاً عن حق الأم، فهو يمثل الأصل والابن هو الفرع، وقد أمضى حياته وشبابه وأفنى عمره بكد واجتهاد للحفاظ على أسرته وتأمين الحياة الهانئة لأولاده، فتعب وخاطر واقتحم المشقات والصعاب في هذا السبيل، وفي ذلك يقول الإمام زين العابدين ?: "وأمَّا حق أبيك فتعلم أنَّه أصلك وإنَّك فرعه، وإنَّك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مِمَّا يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، واحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله".
وعلى الإنسان أن يدرك جيداً كيف يتعاطى مع والده كي لا يكون عاقاً وهو غافل عن ذلك، فعليه تعظيمه واحترامه واستشعار الخضوع والاستكانة في حضرته فقد جاء في حديث عن الإمام الباقر ?: "إن أبي نظر إلى رجل ومعه ابنه يمشي، والابن متكيء على ذراع الأب، قال: فما كلَّمه أبي حتى فارق الدنيا".
 برَّ الوالدين بعد الموت:
لا يقتصر بر الوالدين على حياتهما بحيث إذا انقطعا من الدنيا انقطع ذكرهما، بل إن من واجبات الأبناء إحياء أمرهما وذكرهما من خلال زيارة قبريهما وقراءة الفاتحة لروحيهما والتصدق عنهما، وإقامة مجالس العزاء لهما على الدوام.
كما أن عليهم حق البرِّ لهُمَا في جملة أمور ذكرها رسول الله (ص) لرجل من أصحابه فقال: يا رسول الله هل بقي لأبوي شي‏ء من البرّ أبرهما به بعد وفاتهما؟
قال رسول (ص) : "نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنقاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلاّ بهما".
وفي حديث للإمام الصادق ?: "يصلي عنهما، ويتصدق عنهما، ويحج‏ُ عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك فيزيده الله ببرِّه وصلاته خيراً كثيراً".
 حد العقوق:
إن نكران الجميل، وعدم مكافأة الإحسان ليعتبران من قبائح الأخلاق، وكلما عظم الجميل والإحسان كان جحودهما أكثر جرماً وأفظع إثماً، ومن هذا المقياس نقف على خطر الجريمة التي يرتكبها العاق لوالديه، حتى عُدَّ العقوق من الكبائر الموجبة لدخول النار لأنّ العاق حيث ضميره مضحمل فلا إيمان له ولا خير في قلبه ولا إنسانية لديه.
ولذلك حذّر الإسلام من عقوق الوالدين لما له من دلالات ونتائج كما عبّر النبي الأكرم (ص): "كن باراً واقتصر على الجنة، وإن كنت عاقاً فاقتصر على النار".
وقد حدّد تعالى المستوى الأدنى لعقوق الوالدين في كتابه المجيد حيث يقول جلّ وعلا: "إمَّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما.
وعن هذا الحد يقول رسول الله (ص): "لو علِمَ الله شيئاً هو أدنى من أُفّ لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق".
إذن فلا رخصة لولد أن يقول هذه الكلمة من أقوال وأفعال كمن ينظر إليهما بحدةٍ مثلاً وإلى ذلك يشير الإمام الصادق ? في قوله: "من ينظر إلى أبويه نظر ماقِتٍ وهما ظالمان له لم يقبل الله تعالى له صلاة".

حد الطاعة:
لقد رسم الله تعالى للإنسان حدود الطاعة لوالديه عندما قرن عبادته وتوحيده وتنزيهه عن الشرك بالإحسان إليهما والطاعة لهما، وقد جعل رضاه من رضاهما، ووصل طاعته بطاعتهما فقال عزَّ من قائل: "واخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة.
وإلى ذلك أشار النبي (ص) عندما قال: "بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله".
وفي تفسير الاية: "واخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة.
يقول الإمام الصادق ?: "لا تمل عينيك من النظر إليهما إلاّ برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما، ولا تقدّم قدّامهما".
وفي المقابل بيَّن الله تعالى الحد الذي تقف عنده طاعة الوالدين في اياته الكريمة: "وإنّ جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً.
فعندما يصل الأمر إلى معصية الله والشرك به يتوقف الإنسان عند هذا الحد فلا يطيعهما فيما أمرا لأنَّه بحسب الحديث المعصوم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
ولكن هذا الأمر متوقف فقط على ما يشكل معصية الله دون باقي الأمور لأن سياق الاية يستمر بالتوضيح: "وصاحبهما في الدنيا معروفاً.
فلا يعصيهما في باقي الأمور.
وفي كلام لجابر قال: سمعت رجلاً يقول لأبي عبد الله ?: "إنّ لي أبوين مخالفين فقال: برّهما كما تبر المسلمين ممن يتولانا".
فطاعة الوالدين وبرّهما واجب سواء كانا مؤمنين أم لا، فإن من الأمور التي لم يجعل الله فيها رخصة: "بر الوالدين برّين كانا أو فاجرين".
  
حقوق أخرى:
الدعاء والوصية:
لقد ورد في القران الكريم حقّين من حقوق الوالدين:
     الأوّل: هو الدعاء لهما ويبدو ذلك على لسان أكثر من نبي يدعو لوالديه كما هو من وصايا الله تعالى للإنسان حيث قال تعالى على لسان نبي الله نوحٍ ?: "ربّ اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً.
وعلى لسان إبراهيم ?: "ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين.
     الثاني: هو الوصية حيث يقول تعالى: "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين وللأقربين بالمعروف حقاً على المتقين.
فالوصية حق على المؤمن وأول ما تؤدى للوالدين بحسب البيان القراني، وذلك للدلالة على أهمية بر الوالدين ووصلهما على الإنسان في حال حياته وبعد مماته من خلال التركة المادية من أموال وأرزاق، كما لا يبخل عليهما بالنصيحة والإرشاد إلى ما فيه صلاحهما، ولا ينسى طلب السماح منهما لتقصيره تجاههما في الحياة الدنيا.