0
هل تريد أن يجيب الله دعاءك

كم من بلية ومحنة رفعها الله بالدعاء، ومصيبة كشفها الله بالدعاء؟ وكم من ذنب ومعصية غفرها الله بالدعاء؟ وكم من رحمة ونعمة ظاهرة وباطنة استجلبت بسبب الدعاء؟ روى الحاكم والطبراني بسند حسن عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع فيما نزل وفيما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة))
الدعاء قربة الأنبياء:
( إنهم كانوا يسارعون فى ٱلخيرٰت ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خٰشعين) [الأنبياء:90]، لا يهلك مع الدعاء أحد، ولا يخيب من لله رجا وقصد.
في الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها)) قالوا: إذا نكثر؟ قال: ((الله أكثر))
وفي كتاب ربنا أكثر من ثلاثمائة آية عن الدعاء.
إن التضرع إلى الله، وإظهار الحاجة إليه، والاعتراف بالافتقار إليه، من أعظم عرى الإيمان، وبرهان ذلك الدعاء والإلحاح في السؤال.
لقد مر على الأمة أزمات وابتلاءات ومآزق، فكان اللجوء إلى الله هو سبيل النجاة، والله تعالى يبتلي الناس لترق قلوبهم، ويلجؤوا إليه بصدق وتضرع:
( ولقد أرسلنا إلىٰ أمم من قبلك فأخذنٰهم بٱلبأساء وٱلضراء لعلهم يتضرعون ‘ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولٰكن قست قلوبهم ) [الأنعام:42، 43]، ولقد كان بعض المشركين الأوائل، إذ نابتهم النوائب واشتد عليهم الخطب، عرفوا أي باب يطرقون، وأين يلجؤون ويهرعون، فدعوا الله مخلصين له الدين، وهذه أمة الإسلام اليوم أحوج ما تكون إلى ربها ولطفه ونصره وعطفه،
إننا ندعو ربنا الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو وحده الذي يسمع دعاء الداعين أينما كانوا، وبأي لغة تكلموا، لا يشغله سمع عن سمع، ولا يتبرم بكثرة الداعين وإلحاح الملحين، هو سبحانه الذي لا تشتبه عليه الأصوات، ولا تختلف عليه الحاجات، يعلم ما في الضمائر وما تنطوي عليه السرائر، وهو الذي ينفع ويضر على الحقيقة، دون أحد من الخلائق.
الدعاء حبل ممدود بين السماء والأرض، يقدره حق قدره عباد الله المخلصون، هو الربح ظاهر بلا ثمن، وهو المغنم في الدنيا والآخرة بلا عناء، هو التجارة الرابحة، يملكها الفقراء كما يملكها الأغنياء على حد سواء، يتفاوت الناس في هذه العبادة بين مقل ومستكثر، بين حاضر القلب وشارد الذهن، بين خاشع متأمل لما يقول، وبين قاسي القلب لا يتأثر ولا يلين، وهو طريق للفلاح في الآخرة، وهو سبب من أسباب السعادة في الدنيا بإذن الله، ذلكم هو الدعاء بل هو العبادة، في الحديث الصحيح ( الدعاء هو العبادة ) رواه الترمذي .
وبعد الممات ومفارقة الحياة لا ينقطع أثر الدعاء عن ابي هريرة رضي الله عنه قال :قال صلى الله عليه وسلم (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية . أو علم ينتفع به . أو ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم
وللدعاء آداب وسنن قد تخفى على كثير من الناس، ومعرفتها والعمل بها سبب في استجابة الدعاء بإذن الله، فمنها:
أن يبتدئ الداعي دعوته بحمد الله والثناء عليه، والاعتراف بتقصير العبد وحاجته إلى الله، وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو ويقول: اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا. فقال صلى الله عليه وسلم: ((لقد سألت الله تعالى بالاسم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب)) رواه أبو داود بسند صحيح ، وفي رواية: ((لقد سألت الله باسم الله الأعظم))
معاشر المصلين تأملوا معي في دعاء ذي النون يونس عليه السلام ، إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت في تلك الظلمات الثلاثقال الله تعالى مصورا لنا هذا المشهد( فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين{87} فعندما نادى ودعا جاءات الاجابةمن الله ( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين{88} قال صلى الله عليه وسلم ((لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له)) رواه الحاكم بإسناد صحيح.
وإذا كان هذا الثناء على الله تعالى في بدء الدعاء، فإن من سننه ختمه بالصلاة والسلام على رسول الله ففي صحيح الجامع: ((كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم)) فالعمل بهاتين السنتين أرجى للقبول، وأدعى لفتح أبواب السماء.
ومن سنن الدعاء أن يختار الداعي الأوقات الفاضلة، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الدعاء أسمع؟ قال: ((جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات)) رواه الترمذي بسند حسن فهاذان وقتان فاضلان في آخر الليل وفي آخر الصلوات المفروضة .
في يوم الجمعة ساعة، لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي، يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه.
ومن آداب الدعاء، بل هو من أهم الآداب وهو: حضور القلب وخشوعه لله، ومعرفة ما يدعو به، فإن الغافل اللاهي تتحرك شفتاه بالدعاء وقلبه مشتغل بأمر آخر، وأنى لهذا الدعاء أن يصعد للسماء، والحق يرشدنا إلى هذا الأدب ويقول:
(ٱدعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب ٱلمعتدين) [الأعراف:55]، جاء في الحديث الحسن ( القلوب أوعية وبعضها من بعض فإذا سألتم الله عز وجل أيها الناس فسلوه وأنتم موقنون بالإجابة فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل )
ومن آداب الدعاء وسننه: أن يستقبل القبلة ويكون على طهارة، فذلك أقرب للقبول، وإن لم يكن ذلك شرطا لازما، فيمكن أن يدعو المرء على كل حال، وفي أي اتجاه كان، لكن إن تيسر له الاستقبال وكان على وضوء، فهو أولى وأحرى، ومن آداب الدعاء: أن يعزم الداعي الدعاء ويوقن بالإجابة .
ومن آداب الدعاء عدم التكلف فيه، وخفض الصوت وتكراره ثلاثا، والإلحاح فيه والدعاء في الرخاء، إذ هو سبب لقبول الدعاء في حال الشدة والضر، ويبقى بعد ذلك أمر مهم وهو معرفة موانع الاستجابة للدعاء ليتجنبها، ومن أبرز أسباب عدم قبول الدعاء: المطعم الحرام، والملبس الحرام، والاستعجال في الدعاء، والتوقف عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت ربي فلم يستجب لي)) وفي رواية لمسلم: قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: ((يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء)).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
( هو ٱلذى يريكم ءايٰته وينزل لكم من ٱلسماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب ، فٱدعوا ٱلله مخلصين له ٱلدين ولو كره ٱلكٰفرون ) [غافر:13، 14]

0
كلمتــان تجلبـــان لك الخيــــر كلــــه



هناك كلمتان بسببهما تمطر السماء ويذهب الفقر وغيره
الكلمتــــان هما :
استغفر الله
وهنا الدليل
جاء ثلاثة رجال إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما فقال له الأول :
إن السماء لم تمطر
فقال له الحسين؟ أستغفر الله
ثم جاءه الأخر فقال له: أشكو الفقر !!
فقال له الحسين رضي الله عنه : أستغفر الله
ثم جاءه ثالث فقال له : امرأتي عاقر لا تلد فقال له:الحسين رضي الله عنه استغفر الله
ثم جاءه بعد ذالك من قال له: أجذبت الأرض فلم تنبت فقال له: استغفر الله
فقال الحاضرون للحسين رضي الله عنه :عجبا لك كلما جاءك من يشكو قلت له استغفر الله؟
فقال لهم:
أو ما قرأتم قوله تعالى: ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً ) 12) نوح 10-
هل تريد راحة البال وانشراح الصدر والمتاع الحسن؟أستغفر الله
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ) هود 3
هل تريد دفع الكوارث والأمن من الفتن والمحن؟
أستغفر الله
( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) الأنفال : 33
هل تريد تكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفع الدرجات؟
أستغفر الله
(وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ) البقرة : 58

فيا من مزقه القلق و أضناه الهم وعذبه الحزن والفقر
عليك بالاستغفار
فإنـــه يقشع سحب الهموم ويزيل غيوم الغموم وهو البلسم الشافي الدواء الكافي
الاستغفار
هو علاجك الناجح من الذنوب والخطايا لذلك أمر النبي محمد صل الله عليه وسلم بالاستغفار دائما بقوله:
( يا أيها الناس استغفروا الله وتوبوا إليه فإني استغفر الله و أتوب إليه في اليوم مائة مرة )
أحبتـــــــي في الله عليكم بالإكثار من الاستغفار ليلاً ونهار
أسأل الله تعالى أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه البررة الكرام وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

0
الرعد ملك من الملائكة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال : أقبلت يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا أبا القاسم ! نسألك عن أشياء إن أجبتنا فيها اتبعناك و صدقناك و آمنا بك . قال : فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على نفسه ، قالوا : ( الله على ما نقول وكيل ) .
قالوا : أخبرنا عن علامة النبي؟. 
قال: "تنام عيناه ولا ينام قلبه". 
قالوا: فأخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر؟ 
قال: "يلتقي الماءان ، فإن علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت وإن علا ماء الرجأ ذكرت " ل ماء المرأة قالوا: صدقت ، فأخبرنا عن الرعد ما هو؟ 
قال: الرعد ملك من الملائكة موكل بالسحاب ، ( بيديه أو في يده مخراق من نار يزجر به السحاب ) و الصوت الذي يسمع منه زجره السحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمره".
صححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في (جامع الترمذي) 
وقال في الصحيحة (4/491) : وجملة القول أن الحديث عندي حسن على أقل الدرجات وحسنه في صحيح الجامع. 
أخرجه الترمذي
( 4 / 129 ) و أحمد ( 1 / 274 ) و أبو إسحاق الحربي في " غريب 
الحديث " ( 5 / 123 / 1 - 2 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( رقم 12429 )
و ابن بشران في " الآمالي " ( 24 / 27 / 2 ) و الضياء المقدسي في " الأحاديث 
المختارة " ( ق 206 - 207 ) .
وكان عبد الله بن الزبير رضى الله عنه إذا سمع الرعد ترك الحديث و قال : سبحان الذى (يسبح الرعد بحمده و الملائكة من خيفته) (صحيح الأدب المفرد723 ).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

2
الربا: الوباء الخطير


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال الله تعالى :
{ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}. سورة البقرة.
إنّ الله سبحانه وتعالى أحلَّ البيعَ إلا ما نهى عنه فيما أوحى إلى نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وإنما نصَّ القرآن الكريم على ذكر الربا واقتصر عليه ولم يذكر غيره مما يحصل في البيع المحرم لأنّ الربا أشدُّ أنواع المال المحرم، فكل مالٍ محرمٍ إثمه دون إثم الربا. والربا فسَّره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأنّ منه ما هو من طريق القرض (الدَّين) وأنّ منه ما سببهُ تأجيل التسليم كما في بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة مع تأخير تسليم أحد الطرفين بضاعتَه مثلاً وهناك نوع ثالث وهو ربا الفضل كالذي يبيع غراماً من الذهب الخام بنصف غرام من الذهب المصنوع حلياً.
الربا كان حراما في شرع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام لكنّ اليهود لعنهم الله استحلوه وقد أحكموا قبضتهم اليوم على اقتصاد الدول فازداد شرهم.
وفي بدء البعثة النبوية المحمدية لم ينزل تحريمه لأنّ الأحكام كانت تنزل على النبي شيئاً فشيئاً. فالصلوات الخمس نزلت فرضيتها على النبي وعلى أمته في السنة الثامنة من البعثة قبل الهجرة، وكان قبل ذلك مفروضاً عليهم أن يُصلوا في الليل ثم نُسخ ذلك ففُرض عليهم الصلوات الخمْس. كذلك الخمر أنزل الله تحريمَها بعد الهجرة في السنة الثالثة. وكذلك الربا في شرع سيدنا محمد لم يُحرَّم إلا بعد الهجرة.
ربا القرض:
وقد كان أغلب الربا الذي يعمله الناس ربا القرض، وهو أن يشترط المُقْرِضُ (الدائن) ما فيه جَرُّ منفعةٍ لنفسه سواء كان بزيادة في مقدار المال الذي أقرض أو بمنفعة أخرى كأن يشترط عليه أن يُسكنه بيته بأجرةٍ مخفضةٍ أو مجاناً إلى أن يرد القَرضَ أو اشترط المُقرِضُ على المُقترِض (المستدِين) أن لا يُعامل غيره في معاملاته في البيع والشراء وهذا النوع من الربا سمى " ربا القرض " وهو أشد أنواع الربا وقد اتفق على تحريمه الأئمة الأربعة وغيرهم، ولا يُشترط لحرمة ربا القرض أن يكون القدرُ الذي يشترطه المقرض من الزيادة عند رد القرض كثيراً، فالقليلُ والكثير في الحرمة سواء لقوله تعالى 
{وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} سورة البقرة.
أي إن أردتم التوبة من معصية الربا فاقتصروا على رأس المال لا تطلبوا شيئاً فوق رأس المال، كمن أقرضَ مائة ليرة وكان شرَطَ عليه متى ما تأخر عن هذا الموعد، عن الشهر الأول مثلاً إلى الشهر الثاني، يُضاف عليه كذا فإنّ هذا ربا.
ومن ذلك ما يفعله بعض الذين يبيعون السيارات أنهم يشترطون بعد تحديد الثمن أنه إن أخّر قِسطاً من الأقساط يُضاف عليه كذا، هذا من الربا المحرم المتفق على تحريمه.
أما لو قال له " بعتك هذه السيارة بألف ليرة على أن تدفع مائة في نهاية شهر كذا إلى آخر الأقساط " بيّن له الآجال حتى صارت معلومة كان ذلك جائزا وهو ما يسمى " بيع التقسيط " ولايكون ربا.
وأما ما يفعله بعض الناس أنه يُقرض شخصاً مبلغاً ثم يشترط عليه أن يُسكنه داره مجاناً أو بأجرة مخفضة أو يشترط عليه أن يترك عنده سيارته ليستعملها مجانا إلى أن يرد له المبلغ فهذا من الربا من المتفق على تحريمه أيضا، وهذا النوع قد وقع فيه أكثر الناس والعياذ بالله.
القرض الصحيح:
أما إذا لم يحصل شَرطُ جرِّ منفعة ولم يقل له " ترد لي المبلغ بزيادة كذا " ولا قال " تسكنني بيتَك مجانا أو بأقل من أجرة المثل" ولا قال له " أقرضتك هذا بشرط أن تعطيني سيارتك لأنتفع بها إلى أن ترد لي المال" ولا قال له ما هو في معنى هذا ثم حصل أن رد المستدينُ المبلغَ مع زيادة فهذا يجوز إن أراد بذلك مكافأةَ المعروفِ بالمعروف، لأنّ القرضَ هو حسنةً من الحسنات فيه ثواب إذا كان على الوجه الشرعي، فإن أراد المقترضُ أن يكافئه بردِّ الدَينِ مع شيء من الزيادة فذاك جائز.
حُكْمُ ما يُسمى " بالتأمين ":
وفي حكم القرض الذي فيه ربا ما يفعله بعض الناس باسم " التأمين " يدفعون إلى شركة ما مبلغا معينا في أوقات معينة على شرط أنه إن أصابه في نفسه أو في سيارته حوادث تكلِّفه صرف مال فإنّ هذه الشركة تتكفل بدفع هذه المصاريف، وهو ليس معلوما عنده ماذا يحصل له من إصابات في المستقبل.
إنّ المال الذي يصل من شخص إلى شخص إما أن يكون عن طريق البيع والشراء، وإما أن يكون عن طريق الهبة، وإما أن يكون عن طريق الصدقة، وإما أن يكون عن طريق الهدية، وهذا المال الذي يدفعه الشخص إلى شركة " التأمين " ليس واحدا من تلك الأمور فإذن هو قرض فاسد مُحرَّم يُعتبر من ربا القرض لأنه شَرَطَ فيه جرّ منفعة لنفسه.
وقد ورد في تحريم ربا القرض حديثٌ ضعيفُ الاسناد لكنَّ الأئمة المجتهدين اتفقوا على العمل به وهو حديث فضالة بن عُبيد وقد روى عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" كلُّ قرضٍ جرّ منفعة فهو ربا " رواه البيهقي.
فليحذر المؤمن من الربا بجميع أنواعه.
ولا يأكل النزر القليل من الربا لأنّ عاقبته وخيمة.
وقد ظهر من أناس بعد وفاتهم وهم في قبورهم آثار من العذاب الذي يعذبونه في القبر حتى إنّ رجلا كان معروفا بالمراباة وكان متكبرا على الناس، كان ذات يوم في موكب وهو راكبٌ بَغلة فرأى امرأةً أعجبته فأخذها قهراً وزوجُها رجلٌ مسكين ضعيف، ثم مات هذا المرابي المتجبر فصار يطلع من قبره الدخان فقال بعض المشايخ لأهله: استسمحوا له الناسَ الذين كان يأخذ منهم المالَ عن طريق الربا.
ففعلوا ذلك وأخَذَ كثير من الناس يقرأون له على القبر، ثم بعد فترة إنقطع هذا الدخان من قبره. نسأل الله السلامة.
أخي المسلم، لا تجعل قلبك متعلقاً بحب الدنيا مشغوفاً بملذاتها وشهواتها، واحرص على جمع المال بطريق الحلال وكفّ نفسك عن الحرام، ولا تلتفت إلى من لا يحب لك الخير ويحثك على فعل الحرام، وتذكّر أنك لا بد نازلٌ في حفرة سبقك إليها غيرُك وأن الله شديدُ العقابِ، وإذا سَبَقَ لك وأكلتَ الربا فتُبْ الى الله.
قال تعالى : 
{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (آل عمران)
اللهم لا تجعل الدنيا كلّ همنا وطهِّر نفوسَنا واجعلنا من عبادك المتقين الصالحين 

3
عيد الفطر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد..
ما يجب على المسلم عمله يوم العيد
تحري رؤية هلال شوال
خاصة من أهل القرى والبوادي، إذ تحري الأهلة المرتبطة بها بعض العبادات قربى غفل عنها كثير من الناس.
يثبت هلال شوال بأحد طريقين:
رؤية مستفيضة، وتجزئ رؤية عدلين.
أوإكمال رمضان ثلاثين يوماً.
ولا تثبت الأهلة بالحساب، ولهذا لا يجوز الصوم ولا الفطر بالحساب، هذا مذهب سائر أهل السنة، ولم يشذ منهم إلا ابن سُرَيج من الشافعية، وعدّ ذلك من هفواته والله يغفر له، ولم يعمل بالحساب إلا أهل الأهواء الشيعة.

التكبير
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، ولله الحمد؛ ويمكن أن يزاد عليه: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

زكاة الفطر
إخراج زكاة الفطر عنه وعن كل من يعول من المسلمين، وهي صاع1 عن كل واحد من عامة ما يقتاته الناس، ويجوز أن تخرج حباً، أوطعاماً: خبزاً، أولحماً، أوسمكاً، أولبناً، ونحوه؛ ولا يجزئ إخراجها نقداً، ومن أخرجها نقداً اعاد إخراجها طعاماً.
وحكمها أنها فرض، وتجب على كل من ملك ما زاد على قوته وقوت من يعول؛ وتخرج عن اليتيم من ماله؛ وتؤدى قبل الخروج إلى صلاة العيد، وأجاز بعض أهل العلم إخراجها قبل يوم أويومين من العيد، ومصارفها هي مصارف الزكاة الواجبة، ولا يشترط لها نصاب.

الافطار قبل الخروج إلى الصلاة
السنة أن يفطر المرء على تمرات قبل خروجه لصلاة العيد.
الغسل والتنظف ولبس أحسن الثياب
يستحب الغسل للعيد، فعل ذلك علي وابن عمر من الصحابة، وطائفة من أهل العلم، وكذلك التنظف وحلق الشعور المأذون في حلقها، سوى اللحية إذ حلقها حرام، ويلبس أحسن ثيابه، جديدة كانت أم مغسولة.
صلاة العيد
وقتها من ارتفاع الشمس مقدار رمح إلى الزوال، والسنة تعجيلها، تصلى في الصحارى، إلا في مكة أولضرورة كمطر أونحوه، تصلى في المسجد.
وهي ركعتان، يكبر في الأولى سبع تكبيرات يرفع يديه فيها، وقيل ست تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة القيام، ويجهر بالقراءة فيهما، ويسن أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة بقاف والقمر، أوبسبح والغاشية.
حكمها أنها فرض كفاية، وقيل سنة مؤكدة؛ ولها خطبتان كخطبتي الجمعة في الهيئة، فقط خطبتا العيد تفتتحان بالتكبير، يجلس بينهما؛ وخطبتا العيد بعد الصلاة، وإذا خطب قبل الصلاة أعاد، والاستماع لهما سنة.
السنة إخراج النساء حتى الحيَّض وذوات الخدور، إذا خرجن متحجبات غير متطيبات في صحبة محارمهن، وإذا اختل شرط من ذلك يحرم خروجهن، والسنة أن يخرج لصلاة العيد من طريق ويرجع من طريق آخر.

إذا اجتمع عيد وجمعة
مذاهب لأهل العلم، هي:
يُصلي الجميع العيد والجمعة، وهذا مذهب الجمهور.
يصلي الجميع الجمعة بعد العيد إلا أهل البوادي.
يصلي الإمام الجمعة ومن لم يصل العيد، ومن صلى العيد فهو بالخيار.
يصلي العيد ثم لا يخرج الإمام ولا غيره إلا لصلاة العصر، فعل ذلك ابن الزبير عندما كان حاكماً للحجاز، وعندما بلغ فعل ابن الزبير ابن عباس قال: أصاب السنة؛ كما روى أبو داود2، ولهذا ينبغي أن لا يثرب على من ارتضاه.
صلاة العيد لا سنة قبلها ولا بعدها، ولا أذان لها ولا إقامة، وإنما ينادى لها بالصلاة جامعة.
من فاتته صلاة العيد قضاها منفرداً، وإذا ثبت العيد بعد الزوال أفطر الناس وصلوا العيد من الغد.

التهنئة بالعيد


قال جبير بن نفير:
«كان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك» –
 فتح الباري، 2-446
المعايدة
يجتهد المرء أن يصل والديه أولاً، ثم أقاربه، وأرحامه، وعامة المسلمين.
المحافظة على صلاة الجماعة، والذكر، وقراءة القرآن في أيام العيد.
الحرص على التصدق والإنفاق في أيام العيد.
التوسعة على العيال والأهل من غير إسراف.
ممارسة اللهو المباح للصغار والكبار.
أن يكثر من الدعاء لإخوانه المستضعفين من المسلمين.
رد الحقوق والمظالم إلى أهلها، أواستسماحهم.
العزم على التوبة.
الحرص على الطاعات التي تعودها في رمضان.
أيام العيد أيام أكل وشرب وذكر لله.

ما يجب على المسلم تجنبه في العيد
صيام يوم العيد، حيث يحرم صيامه.
مواصلة خصام ومقاطعة من كان مقاطعاً له من قبل.
الدخول على النساء الأجنبيات.
مصافحة النساء الأجنبيات، إذ المصاحفة حرام في العيد وغيره.
الاختلاط بالنساء.
تبرج النساء وسفورهن في الطرقات.
إحياء أيام العيد ولياليه بالحفلات الغنائية ونحوها.
ممارسة المحرمات كشرب الخمر، ولعب الميسر، والسماع، والموسيقى.
ضياع الوقت في اللعب بالورق ونحوه.
تجمع الرجال والنساء في بيوت حديثي الوفاة والبكاء والنحيب.
زيارة النساء للقبور.
إحياء ليلة العيد بالسماع الصوفي، والرقص والتواجد فيه.
تعييد بعض المريدين مع مشايخهم، وتركهم لأهلهم وذويهم.
الذهاب لزيارة مشايخ الطرق في العيد، والتوسل بالأحياء والأموات، ونحو ذلك.

ما يجب فعله بعد العيد
التعجيل بقضاء ما عليه من صيام أيام أفطرها في رمضان.
صيام ستة شوال.
يجتهد أن تكون حاله بعد رمضان كحاله في رمضان.
التعجيل بإخراج كفارة الإطعام طعاماً وليس نقداً.

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، ولاتبخلو بتعليقاتكم والسلام.
 
تعريب وتطوير مدونة الفوتوشوب للعرب
البلابل © 2011 | عودة الى الاعلى
Designed by Chica Blogger